(فَالْتَر هِلْمُون فْرِيتْز)
1
حَاصِرِينِي أَيَّتُهَا العُزْلَةُ أَكْثَرَ؛
فَضَاؤُكِ المَغْمُوسُ بِالغُمُوضِ
يَتَّسِعُ لِلَوْنِ مَخْيَلَتِي الأَزْرَقِ.
2
أَلْثُمُ وِلَادَةَ بُرْعُمِ الصَّبَاحِ
كَأَنَّهُ بُرْعُمُهَا
حَتَّى فِي ذَاكِرَةِ الخَرِيفِ.
3
لَيْسَ حُبًّا أَبْيَضَ طَالمَا
يُوَزِّعُ جَسَدَهُ
عَلَى عَتَبَاتِ المَاءِ الأَبْيَضِ.
4
مَا زَالَ أَلَمٌ مَالِحٌ يَتَنَاثَرُ فِي الصَّدْرِ
مِثْلَ شَظَايَا قَذِيفَةِ إِثْمٍ
رَغْمَ أَنِّي نَزَعْتُ فَتِيلَةَ سِرْوَالِهَا بِحَنَانٍ.
5
كُنْتُ، مَا بَعْدَ مَطْلَعِي الحَشْدِيِّ،
مَلَأْتُ سَاعَةَ الرَّمْلِ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَاعَةً.
أَنَا أَبْحَثُ عَنْ سَاعَةِ ثَلْجٍ لَا تَذُوبُ أَسْرَعَ مِنْ عُمْرِهَا.
6
أَسِيرُ عَصًا فَوْقَ مَدْرَجِ أَخْطَائِهَا
بِكَامِلِ ثِقَلِ ثِقَتِي.
يَقِينِي المُرُّ: إِنَّهَا لَا تَلِيقُ بِعَمَاهَا.
7
سَأَحْضِنُ القَسْوَةَ
لَوْ تَسْتَطِيعُ الاحْتِفَاظَ
بِبِكَارَةِ جَمَالِهَا.
8
نَادِرًا مَا فُزْتُ بِأَوْرَاقِ اللَّعِبِ
لِأَنَّنِي كُنْتُ اللُّعْبَةَ نَفْسَهَا،
وَعَلَى أَرْضِهَا غَيْرِ المُحَايِدَةِ.
9
أَيُّهَا الصَّمْتُ..
لَا تَدَعْنِي أَتَكَلَّمُ بِصَمْتٍ؛
لَقَدْ فَاضَتْ أَبْجَدِيَّةُ مَوْتِي عَنْ كَفَنِي الأَبْكَمِ.
10
كَأَنِّي لَمْ أَعْرِفْهَا؛
تِلْكَ العَدَاوَةُ لَمْ تَزَلْ تَبْتَسِمُ لِصَدَاقَةِ الرِّيحِ
بِفَكَّيْنِ لَبَنِيَّينِ.
11
"اِذْهَبْ!"
وَمَنْ سَيَرْوِي شَجَرَةَ اللَّيْلِ
فَوْقَ غِطَاءِ تَرَنُّحِهَا اللَّذِيذِ بِمَاءِ الرَّوْنَقِ؟
12
ثَمَّ حَرَائِقُ شَائِهَةٌ لَا تُطْفِئُهَا
سِوَى لَسَعَاتِ آهٍ أُفُقِيَّةٍ
قَبْلَ اسْتِرْخَاءِ عَازِفِ البَرْقِ.
13
الَّتِي هُنَا- هُنَا؛ خَاشِعَةٌ تَحْتَ ظِلَالِ الحَوَاسِّ.
آنِيَةُ البَهَاءِ، الَّتِي هُنَاكَ؛
حَوْصَلتْ نَفْسَهَا دُودَةَ قَزٍّ فِي غُرَفِ القَلْبِ الوَاحِدَةِ.
14
كَأَنَّهَا بَصْمَةُ سَرَابٍ
انْسَلَّتْ مِنْ إِبْهَامِ وَهْمٍ
انْشَطَرَتْ فَوْقَ صَفْحَةِ غِيَابِي نِصْفَيْنِ، وَنِصْفٍ.
15
أَجُنُّ بِعِنَادِي إِلَيْهَا،
لكِنَّ عَالمَهَا قَابِلٌ لِلتَّوَجُّسَاتِ الَّتِي
تَتَمَتَّعُ بِصُحْبَةٍ جَيِّدَةٍ.
16
وَجْهُهَا يَعْكِسُ مِرْآةً حَارَّةً.
مَا تَبَقَّى مِنْ كَائِنِهَا؛
يَعْكِسُنِي عَلَيَّ بِنَكْهَةِ فِضَّةٍ مَشْرُوخَةٍ.
17
هَلْ كَانَ عَلَيَّ أَنْ أَذْهَبَ عَنْهَا
لِأَنَّ نُضْجَهَا اسْتَرَقَ النَّارَ مِنْ بَيْنِ غَمَامَتَيَّ؟
لَوْ أَنَّهَا انْتَظَرَتِ انْتِظَارِي.
18
فَاحِشٌ عَطَشُ النَّهْرِ.
بَاذِخٌ عِنْدَ ضِفَّتِهِ اللَّيِّنَةِ.
ثَرِيٌّ عَاطِلٌ عَنِ الطَّمْيِ أَحْيَانًا. كَمْ
19
كَانَ
بِالإِمْكَانِ
أَنْ أَنْزِلَهُ مَرَّتَيْنِ.
20
إِنْ كَانَتْ هِرَّتُهَا لَا تَزُولُ عَنْ لَحْمِ عَتَبَتِهَا،
فَكَيْفَ أَزُولُ أَنَا عَنْ عَتَبَةِ لَحْمِهَا،
وَأَنَا القِطُّ البَلِيغُ؟
21
لَا بَأْسَ بِشَيْءٍ مِنْ دُوَاةِ الحُزْنِ،
وَرِيشَةِ الدَّمْعِ؛
قَصِيدَتُنَا تَكْتُبُ قَصِيدَتَهَا مُتَوَازِنَةً عَلَى شِفَاهِ الهَاوِيَةِ.
22
هَلِ الخَطَأُ مُذَكَّرٌ، وَالخَطِيئةُ مُؤَنَّثَةٌ؟
لُغَةٌ شَهِيَّةٌ تُعَلِّمُنَا ارْتِكَابَ الأَخْطَاءِ اللَّذِيذَةِ بِأَنْ
تَسْمَحَ لِلْأَلِفِ أَنْ تَسِيلَ يَاءً بَعْدَ مَا بَعْدَ ...
23
لَيْسَتْ حَيَاةً بِمَا تَكْفِينِي،
لكِنَّهَا
كَانَتْ حَيَاةً .
24
يَدَايَ تُفَسِّخَانِ رِيحَ الصَّدْرِ،
كَأَنَّهَا بَوَّابَةُ أَسَفٍ،
شَفَقَةَ بَحْثٍ عَنْ شَيْءٍ خَفِيٍّ تَاهَ بَيْنَ الرُّجُوعِ.
25
عَانَقْتُهَا. قَصَفَتِ اشْتِهَاءَ الوَرْدَةِ، عَلَى مُنْحَنَى الظَّهْرِ، بِرَعْدِ قُصْفَةٍ.
تَحَوَّلَتْ شَبَحًا إِلَّا مِنْ مَلَامِحِهِ، وَشُبْهَةً مُسْتَعَارَةً،
وَمَعْنًى لَمْ يَرِدْ إِلَّا فِي مُعْجَمِ الذُّبُولِ.
26
بَرِيدٌ إِلِكْتِرُونِيٌّ، وَرَسُولٌ كَذلِكَ.
أَيَّتُهَا الزَّاجِلَةُ بَيْنَ تَوَدُّدِي وَتَوَهُّمِي: سَأُلْصِقُ مَا نَسِيتُ؛
طَابَعَ شَفَتَيَّ عَلَى مُغَلِّفِ رِحْلَتِكِ الأَخِيرَةِ عَائِدَةً نَحْوَ تَقَاعُدِ أَبَدِي.
27
كُلَّمَا قَطَعْتُ وَرَقَةً مِنْ تَقْوِيمِ القَسْوَةِ،
كُلَّمَا وَهَنَتِ العَيْنُ مِنِّي،
وَاحْتَرَقَ القَلْبُ غَيْبًا.
28
بِهُدُوءٍ مَرِيضٍ؛ تُقَلِّبُ أَشْيَاءَهَا عَلَى نَارِ فِتْنَةٍ.
بِصَخَبٍ كَاتِمٍ لِلْحَنِينِ؛ تُصَدِّعُ رَأْسَ حُلُمِي.
لَمْ تَزَلْ تَشْنُقُنِي عَلَى بَابِ العِتَابِ بِحَبْلِ لِسَانِهَا المَجْدُولِ بِلُعَابِ عَنْكَبُوتٍ فَاشِلَةٍ.
29
مَا مِنْ جَدِيدٍ!
لكِنْ؛
مَاذَا يُرِيدُ ضَجَرُ الغَائِبِ أَنْ يَقُولَ؟
30
إِلَى حَدِّ مَا بَعْدَ المَلَلِ؛
حَفِظْتُ، عَنْ قَلْبِ ظَهْرٍ فَوْقَ فِرَاشٍَ يَقِلُّ سُمْكُهُ كُلَّ حَرْثٍ،
مَذَاقَ اتِّسَاعِ وَانْقِبَاضِ أَحْشَائِهَا، مَثِيلَ سَمَكَةٍ تَتَنَفَّسُ مِنْ خَيَاشِيمِ اخْتِنَاقِي.
31
سَتَعْرِفُ، ثُمَّ تَخْرِفُ، ثُمَّ تَهْذِي، ثمَّ تَذْوِي
وَرْدَةً مِنْ صَنِيعِ رَبِيعِي الَّذِي
كَانَتْ نَهَشَتْهُ بِأَظَافِرِ لَوْثَتِهَا غَيْرِ المُؤَدَّبَةِ.
32
صُدْفَةٌ مَارِقَةٌ عَلى هَوْدَجِ عَاصِفَةٍ؟
قَدَرٌ مَصْلُوبٌ لَمْ يُشَبَّهْ لِي؟
فَزَّاعَةٌ تَعَثَّرْتُهَا بِغَبَائِي فِي بَرِّيَّةِ جَسَدٍ أُفُقِيٍّ؟ أَمْ
33
رَغْبَةٌ مَثْقُوبَةٌ كَبِئْرٍ مُعَطَّلةٍ؟
اسْمٌ آخَرُ لِنَرْجِسِ العِقَابِ؟
عَلَى شَفَتَيْ مَثْوَايَ القَدِيمِ نَقْشٌ دَاكِنُ العُذْرِيَّةِ: هِيَ؟
34
يُولَدُ مِنْ شَهْوَتَيْنِ مَعًا.
مَعًا كَتَبْنَا مَذَاقَ مَوْتِهِ عَلَى سَرِيرٍ دَائِرِيٍّ اسْمُهُ
خِيَانةُ الحُبِّ.
35
عُنْقُودَاهَا يَتَدَلَّيَانِ بِغَضْبَةِ جَمَالٍ.
نَزِقَانِ تَحْتَ وَسَاوِسِهِمَا. مَنْفُوخَانِ حَلِيبَ هَوَاءٍ.
مُسَنَّنًا كَانَ فِطَامِي السَّرِيعُ. مُسِنَّةٌ أُمُومَتُهَا العَجُولَةُ.
36
حَمَاقَةٌ خَجُولَةٌ تَنْخُرُ، بِوَقَاحَةٍ مُسْتَتِرَةٍ، عُرْيَ رُوحِي.
لَمْ يُنْتَزَعْ بِيَدَيْهَا إِلَّا لِثَأْرٍ مُتَهَتِّكٍ،
وَبِلَذَّةِ اغْتِصَابٍ.
37
لَمْ أَمُتْ مِنْ دَوَرَانِ تَشَوُّهِهَا حَوْلَ عُنُقِي البَهِيِّ.
لَنْ تَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ صَورَةٍ عَابِثَةٍ
خَارِجَ إِطَارِهَا الجَمِيلِ.
38
رَمَادُ سُكُوتِي مَا زَالَتْ تَنْثُرُهُ عَلَى حِبَالِ شَطَطِهَا
لِتُغَطِّيَ بِهِ غُسْلَ ثِيَابِهَا المَجْرُوحَةِ بِإِثْمِهَا الشَّقِيِّ.
لَيْسَ لَدَيَّ مِنْ مَوَادَّ كِيمْيَائِيَّةٍ لِتَنْظِيفِ طَبِيعَتِهَا المُلَوَّثَةِ.
39
فُرَصٌ أَضَاعَتْنِي بِعَسَلِهَا المَلْعُوقِ مِنْ قَبْلِ قَلْبِي.
يَا نَحْلَةَ غَيِّهَا؛
كُفِّي عَنْ لَسْعِي بِقُبَلِ الجَحِيمِ.
40
نَزَعْتُ حَلَقَةَ الزَّفَافِ مِنْ إِصْبَعِ التَّهَوِّرِ
كَيْ لَا يَنْمُوَ صَدِيدُ الأَسَفِ أَضْيَقَ
حَوْلَ لَحْمِ خَطَئِي.
41
غِشَاءُ نَظْرَةٍ جَاذِبَةٍ كَاذِبَةٍ
كَثِيرُ القَابِلِيَّةِ لِلْهَتْكِ، وَادِّعَاءِ العُذْرِيَّةِ فِي آنٍ.
أُصِرُّ أَنَّ قَلْبَهَا لَمْ يَزَلْ بِكْرًا لِأَنَّهُ مِنْ مَطَّاطٍ سَخِيٍّ.
42
أَنَا؛ أَطْلَسُ عَسَّالٍ بِاضْطِرَابِ الحُبِّ.
هِيَ؛ جَغْرَافْيَا جَسَدٍ أَشَدُّ غَوًى بِانْفِتَاحِ جُلُودِهِ
عَلَى تَرَاذُذِ الدِّفْءِ.
43
بَخِيلٌ! نَعَمْ؛ لِأَنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا مَا أَشْهَدَنِي الشِّعْرُ عَلَيْهِ،
وَمَا خَطَّأَ القَلْبَ، وَحَلَقَاتِ دُخَانِ لُفَافَتِي الَّتِي لَا تَنْطَفِئُ؛
لَمْ أَزَلْ أُحَاوِلُ دَوَائِرَهَا سِلْسِلَةً لَا تَتَكَسَّرُ فِي أُفُقِ الوُحُولِ.
44
تَرْفُلُ فَوْقَ صِنَاعَةِ عَذَابِي مُخْتَالَةً بِدُمُوعِهَا.
أُحَاوِلُ أَنْ أَسْحَبَ تَكَوُّمَ الضُّلُوعِ
نَسِيجَ سُحُبٍ خَشِنٍ يَضِجُّ تَحْتَنَا.
45
كُلُّهَا أَلَمُ كُلِّي بَعْدَ السِّيرَةِ الذَّاتِيَّةِ لِسَرِيرِهَا الدُّهْنِيِّ.
سَرِيرَتِي لَا تَتَوَقَّفُ عَنْ
وَخْزِ زِرِّ الفَضِيحَةِ بِإِبْرَةِ نَدَمٍ.
46
بَيْنَ شَتَاتِي الثَّرِيِّ
وَأَجْزَائِي المُرَكَّبَةِ بِلَهْوِ طِفْلٍ،
أَنْسَجِمُ أَكْثَرَ مِنْ تَوَحُّدِ فَمِي مَعَ أُبَّهَةِ عُنْقُودِ غَفْلَتِهَا.
47
لَنْ أَسْتَغْفِرَهَا كَيْ أَعُودَ إِلَى فِرْدَوْسِهَا المَشْبُوهِ ثَانِيَةً؛
أَعْرِفُهَا سَتُخْرِجُنِي مِنْهُ
حَتَّى بِوَصْفِ رَائِحَةِ تُفَّاحَةٍ كَاسِدَةٍ.
48
أَيَّتُهَا الدُّرَّاقَةُ فَزِعَةُ الرَّقْصِ عَلَى غُصْنِ مَسْرَحِ الرُّوحِ:
مَا مِنْ سِينَارْيُو يَصْلُحُ لِرَتْقِ سِتَارَةِ الرِّوَايَةِ،
كَيْ نُمَارِسَ مُجَدَّدًا هَذَيَانَ الزَّبَدِ فِي كَوَالِيسِ غَابَةِ الأَبَدِ.
* شاعر وباحث ومترجم.
m.hrisha@gmail.com

0 التعليقات
إرسال تعليق