سَلاماً ما انفرطَ فِي يَديهمْ مِنْ رحيقِ الأرجوانْ . سلاماً على روضِ الجرحِ وعرقِ الصِّبا المُستَباح
سلاماً لشمسِ الحُلمِ التي تبثُّ لهيبَهَا فوقَ ساحاتِ الكآبةِ المحمصةِ
سلاماً لغصنٍ وديعٍ يلوذُ في العطشِ ما ارتوى مِن مرتعِ ماءِ البُعدِ وفي الصدِّ يَنَام
سَلاماً لصرخةٍ مغسولةٍ بالدَّمِ مَا نَهَضَتْ من فوقِ تُرابِها لتُرتِّلَ صمتَ مَأتِمِهَا.
سَلاماً أيها المتعبونَ والعابثونَ والهاربونَ واللاجئونَ
انتصبَ القلبُ في بصيصٍ هشٍ أبتلعَ النارَ من أهدابِ مَرَاثيهِ.. شئتَ قليلاً أنْ تدنُوَ من رهطِ القلقلةِ !
كم كان بائساً قدمُ الطريقِ في دربِ ذاكَ الإقطاعيِّ الذي صرخَ في الليلِ من عينيهِ المهاجرةِ
من لا يعرفُ طعمَ الضوءِ لا يعرفُ قسماتِ الطريقِ؟
تَغَيَّرتِ الحقائبُ وأسماءُ العابرينَ
فلماذا يُراقبنا العسسُ من بيوتٍ فقيرةٍ في عيونٍ ثاقبةٍ ما انكسرتْ في خُبْزِ المساكين
سلاماً يا لحمَ بَغدادَ المنتشيَ بالخمرِ وفي مَلاذِ الأغرابِ
رأيتكَ في كلِّ العروشِ الممجدةِ تنثالُ في بَوْحِكَ المُخَضَّلِ رأيتُك في براعمِ المحيطِ الغابرِ غريبَ الضوءِ
في أساطيرٍ قديمةٍ.
رأيتُ الجياعَ في عيونِ الحجّاجِ مَغْمُورِين بالزيتِ..
وجلجامشَ يصرخُ في صوتِ المَهْدِيّ .. ما ظلّ طفلٌ منْ لحمِ بهذا الوهنِ الضعيفِ
ما ظلَّ طفلٌ إلا وقرأَ نكبتهُ من فوقِ تُرابٍ هزيلٍ فلا معنى لترويضِ الذئابِ في سُوقِ العبيدِ
كيفَ نامَ الزمنُ الهُلامِيُّ في صناديقٍ عتيقةٍ كما نامَ النُّعاسُ في كواكبٍ لا تنامُ
حَمَلْنَا أزيزَ الرصاصِ من دماءِ العصافيرِ حَملنا أرغفةُ من الزنابقِ وفرحاً عقيماً
كيف خرجتْ من فمِ الجياعِ مباهجٌ حائرةٌ تَلَوّنتْ في خطوبِ الراحلةِ
أغريتَ العطرَ وسحبَ الريحِ خصبتَ أمطارَكَ الجافةَ منْ ماءِ المُودِعِيْنَ
تَرفَّقْ بغزلِ سنابِلِكَ الشجريةِ في مصيرِ الدهرِ الأخضرِ تَرفّقْ يا جرحاً هادئاً كالمَسِيْحِ
يا جرحاً هادئاً كالمسيحِ
سريعاً كبرتَ في عيونِ القصبِ، ثقبتَ القصباتَ الأمينةَ منْ فجرِ الرُّقعةِ
كيفَ كنتَ تجمعُ حنطةَ العولمةِ من البداوةِ ويداكَ مجروحتانِ يا ابنَ خلدونَ تلعقُ صبركَ
الذي يطوفُ فوقَ ظلالٍ غيرِ مبصرةٍ.. تمشي القهقرةَ وتعانقُ الأرواحَ
قمرُنا مذبوحٌ على موائدِ الرصاصِ فأجمعوا الزمنَ من خُطوبِ الغمامِ
فاضَ حليبك العذري بصدرِ زنجيةٍ مجوسيةٍ
بعد نزعتك بعيداً وتناثرتْ شظايا من وكرِكَ الفُسْفُورِيّ
كيف نسختَ بُكاءَك العربيّ ودَمًكَ مستباحٌ مضغتهُ إلهةُ الخنوعِ
أنتَ الحزنُ الضريُر في دمعِ القُرُنْفلِ حينَ ذَرَفْتَ نفسَكَ في ضوءِ المسيحِ استبشرْ وجهَ مريمَ
عفواً يا ألقَ الشمسِ جوانحي سوداءٌ رسمتُها بأدواتٍ ساحرةٍ واحتفلتُ في عيدِ الخصوبةِ بلوني
أدركتُ الأريجَ الأخضرَ مذ كنتُ صبياً أُمَشِّطُ مذاقي القديمَ ليذوقَ الناسُُ طَعْمي
كيفَ أشبعُ حواسيَ المتلاحقةَ وأنا طفولةُ شمسٍ غاربةٍ
اعرفُ أنِّي نميمةٌ قاسيةٌ وضلعُ كلامٍ ناشفٍ لكنّي مشتعلٌ في ألفِ نكبةٍ
من رمادِ الخليجِ اللهبِ اهتفُ واطهرُ قامتي الكبيرةَ بالسيفِ رأيتُ خُمُولي في المِلْحِ
في مدنٍ تخبئُ مفاتِنُهَا .. والحجرُ الملثمُ المُسِنُّ فيهِ قمرُ العواصمِ الثَكْلَى
في البارودِ الخصبِ في موقفِ الجرادِ أنامُ في سريرِ الملكِ كَمَا الماءِ
كنّا في بردِ الشفاهِ مُكَبَّلُونَ في ذُرَى الترابِ حائرونَ في سورِ غضبٍ
غيرَ أنّنا الغادرونَ بالأظافرِ
منذُ زمنٍ طويلٍ نجمعُ الآلافَ من الوعودِ من جسدِ الزمنِ اليابسِ
مستسلمينَ لحصادِ الليلِ.
سلاماً يا غصناً لا يموتُ في وردِ غنائِنَا الحزينِ
يا رحيقَ هذا التَرَاشُقِ في مُعجمِنَا العَرَبي ماذا جنيتُ بمذاقِ الإطراءِ
دَمُنَا تأجّجَ في جوانِحِنِا والعرقُ اتَّقَدَ.ونحنُ الراكضونَ في يدٍ منْ لهبٍ
اقرأْ دَمِي في سَبْعِ سنابلٍ لأبلغَ الفُطامَ المُعربدَ في الصَدْرِ وأبَارِكَ الرحمَ العقيمَ
ملأتَ أرجاءَ المكانِ كسرتَ أنفاسَ اللّيلِ دفنتَ نشيدَ الصَهِيلِ في مَوْسِمِ النارِ
احضنُ الأنفاقَ .. أُلَمْلِمُ صرخةَ أمّي البكماءَ
ازرعُ النارَ اللاذعةَ بموجِ قَسْوَتي
مَنْ أنتمْ
مَنْ أنا
مَنْ يكتبُ الفصلَ الأخيرَ فِي يَدِي
من يعبرُ جرحَ الليلَ ويشيرُ إلي ..
من يراقبُ زحفي ويسدّ عيونَ النّهارَ
لنْ ترحلَ الشمسُ من غُبَارِي.. لن ترتجَّ الوهودَ من جَمري هناكَ ألحقُ بَعضي
يا كلامَ دَمِي أرفعُ الآذانَ فوقَ الغارِ..
وحين تُباغِتُني الطلقةُ أعضُّ صَوْلجاني
لن تموتَ طيورِي في الليلِ ضِدَّ إرادتها لأنها كفيلةٌ بإمساكِ الأرضِ من هدِيلهَا

0 التعليقات
إرسال تعليق