الْبَابُ الْوَرْدِيُّ هَذَا الْمَسَاءُ وَحِيدٌ، لَمْ يَعُدْ كَكُلِّ الْمَسَاءَاتِ مَكَاناً شَاسِعاً لأَبَجَدِيَّةِ الْحَاءَاتِ الثَّلاَثْ، وَفِي مَرْتِيلَ.. تَحْضُرُ النَّوَافِذُ الْمَفْتُوحَةُ عَلَى شُرُفَاتِ الْبَوْحِ، تَتَّسِعُ لِلآلاَفِ الْعُشَّاقِ، تُظَلِّلُهَا زُهُورُ شَفْشَاوَنَ الْمَدِينَةُ الذَّاكِرَةُ الْعَابِرَةُ لِكُلِّ قَارَّاتِ الْبَوْحِ وَالْجَسَدِ.. بَيْنَهُمَا رُمَّانَةٌ بِلَّّوْرِيَّةٌ مِنْ لَظَى الأَنْدَلُسِ الْجَمِيلِ، وَفِي نُقْطَةِ الالْتِقَاءِ بَيْنَ "رَاسْ الْمَا"وَرَائِحَةِ الزُّرْقَةِ الْمُتَوَسِّطِيَّةِ، كَانَ الْبَحْرُ صَوْتَ ذَلِكَ الشَّاعِرِ عَمِيقاً وَسَطَ الْخَرَسِ، الأَضْوَاءُ وَالْوُجُوهُ الْقَانِطَةُ تُدَوِّي فِي سَمَاءِ النِّدَاءَاتِ الصَّبَاحِيَّةِ، فِي الأَحَادِيثِ الطَّوِيلَةِ عَلَى الْهَاتِفِ، فِي الْجَلَسَاتِ الْمَسَائِيَّةِ عَلَى شُرْفَةِ الْهُوتْمَايْلْ، تَتَقَاسَمُ الرُّمَّانَةُ الشَّوْكِيَّةُ أَكْوَابَ النَّشْوَةِ الْحَالِمَةِ بِعِشْقِ الْمُسْتَحِيلِ عَلَى عَتَبَةِ الْبَابِ..، وَفِي غُرْفَتِهَا الصَّغِيرَةِ كَانَتْ تَكْتَوِي بِالإِحْسَاسِ..بِلاَ جَدْوَى الْحُبِّ بِجَدْوَى..
عَادَ الْبَحْرُ شَاعِراً بِدِيوَانِهِ الأَخِيرْ "" تَنْزِفُ مِنْهُ أَمْوَاجُهُ الْمَلِيئَةُ بِالآهَاتِ قَائِلاً:
"أَحِنُّ أَنْ أَكْتُبَ مَا لاَ يُكْتَبْ،
اللَّيْلَةَ أَزْرَعُ أَعْمَاقِي الْحَزِينَةَ..
تَحْتَ عَتَبَةِ الْبَابْ،
أَكْتُبُ بِرِيشَةٍ خَرْسَاءَ
حُرُوفَ الْبَوْحِ،
أَدْفِنُ اللُّغَةَ الْعَاشِقَةَ وَقَلْبِي مُتْعَبٌ بِالاِعْتِرَافْ..".

0 التعليقات
إرسال تعليق