| 0 التعليقات ]

لم نعرف أسئلة ونقاشات –إلى الآن- من قبيل جدل يعني بسبب اندلاع الثورة في اليمن !..والأمر محسوما تماماً..لقد أندلعت الثورة بسبب ارتباطات الشعوب ببنية واحدة ،تتمثل هذه البنية في "العوز الجماعي و الاجتماعي إلى حياة مدنية" ،ثم فقدان طاقتها فيما هو ليس خيارها المفترض.تبدو هذه الأفكار غير وشيكة،بالإضافة إلى مطالب الشعوب العربية بالتغيير،أضف إلى ذلك تفاقم الأوضاع والتصعيد الاقتصادي ضد المواطن وجغرافيته.

يمكن الحديث عن إضافات أخرى تتمثل في تأثر المجتمع بالكتابة الواعية التي نهجت النهج التقدمي، والحراك المديني وإن كان طفيفا.يظهر التأثير الطفيف لمنظمات المجتمع المدني الآن ، فيما يبدو أن أفكاراً مدنية ،كانت تحقق أو تطالب في أحقية العدالة والمساواة بين أفراد الشعب ،تحصد نضالها اليوم ..على أن سياسة الأنظمة العربية –التي تنهار الآن- كانت تضع في حسبانها ،أن تكون معارضاتها للاستهلاك الشفهي، على أننا نشهد أن النظام اليمني بنى معارضته من هياكل شهية.. وما هي الشفهية؟

كانت المعارضة قوية من خلال الخطاب الشفهي وحسب ،وهذا ما أعطى فائدة نظيرية قصوى للنظام ، ودجج ذلك بمنح تراخيص للصحف كي تزيد معارضته شفهيا فقط..الأمر الذي جعل من المعارضة تكتل ضعيف، احتمى في مظاهراته ومناصراته وإعتصاماته خلف حضور المنضمات والنقابات القليلة على الأرجح.

ولأن التكتل المعارض بحد ذاته شريكا في الأقوال وردات الأفعال السلبية ، هاهو يحتمي اليوم بالثورة الجديدة، وهذه الأخيرة يمكن أن اسناد قيامها –كإمتداد عربي - كرصيد سابق إلى جهود الكتاب والمفكرين على أن الفرنسيين في ثورتهم (حرّكتهم أمور أسمى ، أمور من نوع الأفكار التي أجملها الشعار الشهير»حرية ، إخاء ، مساواة «.كما هو في تشكيل العقل الحديث عند كرين برينتون".

ولابأس إلى الإشارة بأن الصحف التي كان يراهن عليها النظام ،كمعارضة شفهية ، ويصادرها أحياناً، هي أحد أسباب سابقة للثورة.

أجدني أتفق كثيراً مع مقالات محمد ناجي في أن المعارضة- المتصلبة بالثورة- تمثل الرافعة السياسية،إذا ما احتكمنا للواقع السياسي، إلا أن ذلك لا يخول لنا كمجتمع متطلع التعامل مع كائنات شفوية، أسوة " بالكائنات الالكترونية" كمصطلح نقدي، إذا ما أعتبرنا أن الثورة نصاً.



تتضاعف صفوف الثوار إلى حد جعل المصطلح الشبابي يفقد توازنه ،نظراً لتماهي الثورة مع شرائح مختلفة ، لا يمكن أن نسحقها تحت مسمى واحد ،كما سحقتها قوى مختلطة من سلف وجنود مدرعة الأسبوع الماضي..قطعاً أنها –أي الثورة- ورغم ما يحدث،لا تعبر عن حرب الأجيال أو ما يشاع من هذه المصطلحات.وللمقارنة أن الثورة الفرنسية ،كان أحد أهم أسبابها ،إلى جوار المفكرين والفلاسفة ، التجار ورؤس الأموال، الذين ضاقت بهم جبايات الضرائب، فألتفوا إلى الصف الثوري، وهذا ما لم يحدث هنا ، على أن الفارق الأساسي لم يكن منعدم ،بين طبقة التجار (نبلاء ومشائخ).ناهيك عن الزمن الذي فرضت به ضريبة ما.



يذهب الظن الآن إلى ما يجري هناك في الساحات ،على أني لست قريبا بينهم لظروف صحية يجهلها الجميع، إن بداية التحالف الشفهي المعارض، بدأ بالتعقيد..ذلك ما يظهر واضحا من إعتداء فريق ما وجنود على مناضلات هن أساس المجتمع المدني ،وأول من أنخرط به ،كما أن تصريحات " الناطق الائتلافي" الباعثة للضيق،والتي تسبق إجماع الشريك على ركاكتها عادة، هي علامة التفكك الظاهرة ، والخطوة التي ينتظرها النظام للتعافي تماما،وهذا اذا ما تناسينا الرغبة في خلق النزاع والرغبة في السيطرة على الساحة.

كما أن تدافع شيخ الإصلاح"حميد الأحمر" إلى الحديث عن ما يشبه مسودة دستور جديد لا يعرفه الشعب ويعرفه حزب اليمين على الأرجح هو بداية الإنجرار نحو سياقات السياسات السابقة،بالإضافة الى ما يمكن الإيماء إليه بالعلاقة القديمة مع المملكة ، يجعلنا نفكر في تفاقم المسألة السياسية والثورية فيما يخص خيارين إثنين.." التحول المدني"، أو زيادة التيار الوهابي في اليمن..بحيث تكون الثورة –إذا ما غيبت عنها المفاوضات والحوارات- إحالة إلى عهد سحيق والأجدى أن لا قبول لدول النفط في ثورتنا حتى وإن كان نزوحها القصد بغير تمييع الثورة أو تحييدها.

يدرك شباب الثورة ذلك تماما، لكن شيئا من قبيل الدين السياسي ، أو الجهل الجهوي ،يضع بينهم عائقا نتمنى تجاوزه،زد عن ذلك أن قوى النخبة المثقفة لم تعمق من مفاهيم الثورة ، وما بعدها، إلا بما هو القليل والنادر.

تتحدث وداد البدوي عن الفارق بين مظاهرة تتقدمها توكل كرمان أمام الرجال ،وأخرى لناشطات لهن السبق في المدنية ،وكيف يتعامل معها حزب الدين السياسي.وهذا ما لا يختلف تماما عن مبادئ الجهويات.. الإصلاحيين(ليس الكل حقا) ،تيارات منهم يعيدونا إلى "فكرة الطبقات"، على أن رغبتنا الواحدة في النضال لم تمح ذلك، لكنهم لا يؤمنون بالأهداف الجمعية يا عزيزتي..وهذا ما ندركه في صحفهم ،وأخشى أن يأتي اليوم الذي تكون صحيفة مثل "الثورة " ناطقة لأفعالهم كما كان العهد مع النظام ولا يزال.

وإذا ما عدنا الى الثورة الفرنسية التي اندلعت لإشباع الجوعى اولاً، ما الذي يمكن الحديث عنه بعد الثورة الجديدة؟يتطلع المجتمع اليمني إلى صياغة دستور مدني جديد يتناسب وروح العصر ،لا يحاك في زاوية تفوح منها روائح الخيانة أو (روائح خشب الصندل) حد تعبير روكان ،وهذا لن يكون دون إشراك المجتمع المدني بمنظماته الفاعلة،وكذلك المفكرين والأدباء الذين طال إنتظارهم.

0 التعليقات

إرسال تعليق