لن تمكنني منك غزليات هزيلة

لن تمكنني منك غزليات هزيلة، تعرفين الحيلة جيداً، لا رابط مع شخص يربط مفردات الأرض والطير والماء بامرأة لم يلمسها.. منذ الآن، وبحماسته ناشط منخرط في جمعية أهلية، سأرفع جسدك شعاراً بيئة نظيفة.
لن أتقمص شخصية العشب لتقويله: ملمسها ملمس الندى!!
لا.. واقعية هذا الجمال لا تحتاج مجازاً، تكفي رقصة لأعرف لم أحبك كل هؤلاء: الشاعر الفقير الذي يريد الانعطاف ببياناته الخرقاء إلى النص. المترجم المصاب بالضجر من الفرنسيات. مدرس الرياضة.. مجنون الحارة رغبة في التعقل..
كما تكفيك قبلة سريعة لتري كل من اشتهيت من النساء: طالبات الثانوية مع فتيانهن بين السيارات على الأرصفة. نساء الحواري الشعبية بالعباءات السود. مراسلة الفضائية الجديدة وهي تضحك في تقريرها. المهرولات ببيجامات أديداس صباحاً. لاعبة النرد في المقهى العروس التي مرّ موكب زفافها مساء البارحة. حبيبتي الساهية عن تهتكي.
ما يمكن قوله أنني فيما ألوذ بالخرس متشمماً بشرتك كنت أرى العالم خصيباً ونظيفاً بلا ثقب أوزون ولا دخان ولا احتباس حراري. ولا حروب إمبراطوريات تتبادل العرش بالدم. كنت أرى العالم طازجا وجديدا ولم يفسد بعد من سوء الاستعمال.

أحدهم، في غرفة هي الطّابق الثّالث

أحدهم، في غرفة هي الطابق الثالث، في منطقة مخالفات، يعزف على عوده. في الأسفل، مراهقو الحارة يتبادلون، بصمتٍ، سيجارة طلبوها من عابر ليس في علبته سواها. على سطح مجاور ظلّ فتاةٍ تلتمع دموعها عاكسةً أضواء السيَّارات من الأتوتستراد القريب. وفي البيت المقابل شيخٌ يتوضأ على مغسلة البرندة، تلفحه التّقاسيم فيفتي لنفسه بقيام الّليل على كرسيّ مع كوب شاي.
أحدهم.. هناك، في تلك الغرفة، في ذلك الليل، يرمّم بالموسيقى غرفةً ونفوساً آيلةً للسقوط.
أصعد السُّلَّم الموسيقيّ فأرى عوداً، مجرَّد عودٍ، يسكن غرفةً هي الطَّابق الثَّالث، وبهذه الطريقة يدفع إيجار الليل عن سكّانه المفلسين.

كنتُ آكلُ الكستناءِ وأفكّر

كنتُ آكلُ الكستناءِ وأفكّر به حينَ طُرِقَ الباب، فتحتُهُ فإذا به يبادرني: ماذا تريد؟

في هبة صوفية
في هبة صوفية فجائية وجدتني واقفاً على الشبر الفاصل بين الجنة والنار، وصراحة لم أجد ما يغري في تأليف ' رسالة الغفران' أو ' الكوميديا الإلهية'.. ما شعرت به هو الحاجة إلى اسمي، فلربّما أوقفتني ' شرطة الفكر' عند منعطف إحدى الشطحات! كيف أفهمهم أنني قادم من لحظة ضيّعتها أو ضيّعتني، وتحديداً.. لستُ أدري!!
في هبة صوفية جلست على الكرة الأرضية مقلّداً الدجاجة، وتساءلتُ في نفسي: ما الذي سوف تفقسه بيضتي؟ فأجبتُ في نفسي: لا شك حرب جديدة.. صرختُ: فلأهرب قبل أن أخسر إليتيّ!
في هبّةٍ صوفية جاءت امرأة بأسمال بيضاء، محلولة الشعر وتغنّي موّالاً أحفظه.. ذهبتُ في غيبوبة السلطنة، ومع القفلة لم تكن موجودةً.. إلى اللقاء في موّال آخر يا أمّي!
في هبّة صوفيّةٍ ' أولاد حارتنا' يقرعون تنكات الزبالة وفق مارش عسكري.. الوجوه حزينةٌ وعلى الأكتاف جثة عصفور..
في هبّة صوفيةٍ رأيتني فسألتني: عجباً.. لم تفرد راحتيكَ؟! فأجبتني: عجباً.. ألا ترى السماء على وشك السقوط؟!

بعيدة جدّاً هي نيويورك
(إلى عتاب لباد)

بعيدة جدّاً هي نيويورك، مع ذلك سوف أذهبُهَا، لا لأمدحَهَا ولا لأهجوها، كما تفرّق من حولها الشعراء.. أريد ضياعاً كبيراً لأنسى وأُنسى، محطاتِ مترو عميقةً جداً، جداً عميقةً، وفي رطوبتها أتحوّل إلى جرذٍ سعيد في رغدِ ممالك العفن..
سأذهب إلى نيويورك يا بلادي، إلى أنفاقها تحديداً، وهناك سوف أتسلى عن الدنيا، وعنكم وعني بالغرغرينا..

' شاعر فلسطيني مقيم في دمشق
raedwahash@gmail.com

0 التعليقات

إرسال تعليق