تونس ـ عبدالوهاب الملوح : عن ' دار اشراق للنشر' في تونس التي يشرف عليها الناقد التونسي محمد صالح بن عمر صدر مؤخرا كتاب ' ظلي بقعة حبر' للشاعرة التونسية عائشة المؤدب وهو الثاني في اعمالها الادبية بعد كتاب ' قصائد من ارض تونس'.
وإن كان العنوان الفرعي للكتاب ' نصوص' فهو يغامر في شعرية جديدة بين سردية تتمرد على قوانينها وشعرية تختلق اشتراطات جديدة تتوغل نحو الأبعد في التجريب واستنطاق المسكوت عنه في اللغة.
من أجواء الكتاب:
مقطع من نص ' بطولات مشابهة...'.
هكذا...
مثل عازفٍ مبتدئ أضاع كلّ المفاتيح،
يُمسك مشدوها بنوتةٍ باغتها تتسلّل عبر سلّم الطوارئ
هكذا...
مثل لون مندلق فرغ للتوِّ من نتف شعرات ريشة اتّهمته بالهذيان،
يقف لاهثا يلمع بالـ verni متعدّد التأويلات
... مثل قارئ جريء وقف حائرا أمام مجاز تسلّل عبر أفكاره المستعارة إلى بيت العناكب المعشّشة بين السطور، يقلّب الصفحات بحثا عن مقشّة مناسبة للمقام.
...

مثل ناسك تفطّن أخيرا إلى جسده خارج الصلوات،
يعبّئ ماءه في خارطة رسمها حديثا لتضاريس يوم القيامة
هكذا...
مثل صدى أمسكه جبلٌ أخرس، يوزّع نبراته على الريح لترتق بها فتق الغيوم تحسّبا ليوم ماطر
هكذا تماما
يجتمع صوتك على سفحي كبحيرة اصطناعيّة أهملت حدودها المائيّة
ثمّ يترقرق كجدول صامت
ليقمع بطولات ذاكرتي الثائرة
ضدّ دكتاتوريّة تمسّكها بك

تتميز هذه المجموعة بأنها تذهب في تشكيل الصورة الشعرية على غير ما تعود عليه شعراء التسعينيات، صورة تنبني على المشابهة أكثر من المجاورة كما لا تعوّل على البناءات ذات التشكيل الهندسي مما ترافق في ما تعودناه من صور تؤسسها الاستعارة دونما تصالح مع الوحدة العضوية للنص.
يحتفي الناشر بالكتاب قائلا: ' يتبدّى من خلال هذه المجموعة عالم تغشيه غيوم كثيفة من الاحزان والاشجان، سماؤه مدلهمّة وآفاقه مربدّة وعلى أديمه العثار والاشواك. لكن هذا العالم الكابوسيّ المكفهرّ الفاجع يأتلق في ظلمائه على نحو متصل بوميض باهر أخّاذ لدفقات من الصور البديعة المربكة تنشئها مخيّلة الشاعرة بسخاء فتحوّل الاحساس بالكارثة الى متعة'.
هو كتاب يغامر لأجل استكشاف شعرية أخرى ويمنحنا آفاقا جديدة فيرى القارئ مهما كان مستواه مدى تعبيرات ذاته.
المهم هذا منجز شعري يضيف الى المدونة الشعرية التونسية حيث يؤسس محاولاتها الجادة من اجل كتابة مختلفة.

' القدس العربي'

0 التعليقات

إرسال تعليق