كنتُ الكأسَ ،

ملآنةً برَهَافةِ السُكْرِ ,

وانكسرتُ .

زُجاجتي زَلّتْ من فوقِ رَفٍّ مُهْمَل،

سَليلةَ صحراءٍ مُتْرَعَةٍ بنَواعِمِ الرِمَال .



كنتُ البدويَّ  ,

في الصَمّانِ ،

والذِئبِ الجريح في الرُبعِ الخالي ،

بيني وبين النجوم، نَسَبٌ ورِفقةُ حِدَاء.



كنتُ الفأسَ ،

حارسَ النارِ وسَارِقَها ،

حاطبَ الوقتِ ومبدده ،

والهائمِ في غاباتِ الوهم .



حَديدٌ يَغفو على الكتفِ ،

فينكشفُ الغطاء .



في الأحساء،

تَكلّمَتْ نخلةٌ مُثابِرَةٌ في أحلامِي،

سِدرةٌ خَبّأتْني في كَهْرَمَانِها،

وأغْوَتْني في الظهيرةِ

فِلقَةُ رُمّان.


لكني تَسَاهلتُ في الحكمةِ،

وشَككتُ في الماء.



أمْسَيتُ اليأسَ

في ثوبٍ دَاكِنٍ

وصَخْرةً تَجْثوَ

لئلا تَنخَرطَ في العاصفة.

لمّا جِئتُ هيوستن

رأيتُ بعينينِ جاحظتينِ

إلى أينَ امْتدَّ جَهلي بالأمل،

حتى غَصَصْتُ بفقدٍ

وتفتّقَ الوَلهُ في جَسَدي.


نخلةٌ في الأحساء،

تَذكّرَتْ البدويَّ

يَلتَفّ بِخِرقتهِ،

يقرأُ السّماءَ

القريبةَ أكثرَ من بَاطِنِ كفّه.


اِنحنَتْ لفلاحٍ

يَطوي حَصِيرةَ عُمْرهِ،

يُؤلّفُ الأرضَ،

بِلغةٍ مُفرطةٍ في الرّضا.



لكنه مَربُوطٌ في وَتَدٍ،

ويدورُ بلا ماء.



في هيوستن

حيث لا أحدَ يَرى السماءَ،

أو يمشي على أرض،

شجرٌ جاهلٌ

وموسيقى مُهَرّبَة.



في هيوستن؛

مكسيكيّو المِزاجِ وهُسْبَان ، موظفو شركاتِ الزيتِ العابرين، شوارعُ مُتشابهةً بِلا مُشاة، رعاةُ القلقِ بِلُغَتِهِ الأم، ليلٌ عنيدٌ لا يُرَوّضه الجاز، حُفرٌ ومَطبّات ولا سيارات أجرة، طقسٌ يَنتكِسُ كلما عَنّ للغُربان، غُربَاء يَتبنّونَ الحانات ويَهجرونها سريعاً، مَنفيّونَ بإرادةٍ مَازوشِيّةٍ.. هيوستن؛ بُيوتها خشبٌ يطفو، يدخلها المرضى يحملونَ قبورَهم، ومهاجرون اِسْتقرّوا على حَافّةِ الندم.

هيوستن،

شَهَوَاتٌ مُصَفّدَةٌ،

تبتكرُ حدائقَ لِدَفنِ الحنينِ،

و تمتحِنُ نُجوماً افتراضيّةً

في أبراجِ المرايا.




15 أبريل 2010

هيوستن

شاعر من السعودية

amulla1@yahoo.com


 كيكا

0 التعليقات

إرسال تعليق