على كرسّ هزاّز جلست الشاعرة عزة حسين لتعترف شعرا وتتحدث إلى طبيبها النفسي مستخدمة تقنيات تواصل وحكى تنتمي إلى قصيدة النثر ..حيث كنا في نفس الوقت ننصت إلى صوتها الخاص كمرضى نفسانيين نحمل داخل أجسادنا وأرواحنا نفس المرض ونفس الفن الذي يسمى قصيدة النثر ولانجد علاجا منه إلا بالمشاركة الإنسانية لحاملي نفس الفيروس والداء,ربما يكفل لنا هذا أن نتعرف ونكتشف أوجاعا أخرى أروع إنسانية من وجعنا الذاتي, وبالفعل حققنا النجاح في زحام الفشل الدائم والمتواصل وهاهي واحدة أخلصت إلى نفسها أولا ..ثم إلى مرضها والى قصيدة النثر ثانيا.. لذا قد كافئها الملتقى الثاني لقصيدة النثر الذي أُقيم في القاهرة عام 2010 في نقابة الصحفيين بجائزته الأولى التي لم تتعدى كونها جائزة معنوية.. أكملها الشاعر هشام قشطة بطبع الديوان ضمن إصدارات مجلة الكتابة الأخرى التي عادت إلى الظهور مرة أُخرى إلى عَصب الحياة الثقافية التي يسيطر عليها فن الحكى الروائي الآن ,وهكذا اكتشفنا أن بيننا مريضة(شاعرة) منحتنا جميعا مرضها الأول (ديوانها) وأعطت له الاسم الذي يناسبها "على كرسيّ هزّاز,وقد كانت ص45 هي لحظة الاكتشاف الأساسية للشاعرة وحالتها التي يمكن أن نعبر من خلالها إلى عالمها وقلبها وجسدها في آن واحد ..إنها المفتاح الأعظم الذي سوف ندخل به إلى كنز الإنسان في ديوان الشاعرة حيث تقول
ومراراً
كنت أجرب أن أستدعيها
البنت التي
أغمضت روحها
منذ عامين
فصارت
أنا
وهكذا تكون هذه الأنا تبدأ في التجلي حتى نبدأ في التفاعل معها ونقابلها ونشعر بها فتصبح فاعلة في حياتنا التي هي عبارة عن رحلة حقيقة إلى الموت الحقيقة الأساسية في الحياة ولذا تقول الشاعر بلسانها ومشاعرنا ص 46
أشد ما أخشاه
قضمة الموت
إن الموت وعلاقته بالشاعرة والعالم المحيط يمثل بقعة شعرية لها أهميتها الخاصة جدا في تناول الشاعرة للفن والحياة فهي تتعامل مع الموت مثل كائن بشرى يسير من شارع إلى شارع,ومن مدينة إلى مدينة,لذا هي ترصد ما يفعله معها وفى حياتها وتحدد بدقة البصمة أو الإضافة التي قام بها الموت والاكتشافات التي صاحبت هذا الحدث ولذا تقول في ص43 عن أبيها الذي يمكن له أن يكون أيضا أبانا
يا أبى..
أكان لابد أن تموت
لتخبرنا أنك تجيد
كل هذه القسوة ؟
وهكذا تكون رحلتنا برفقة عزة حسين تمثل اكتشاف متعدد للأبواب الإنسانية التي سوف تمثل في المستقبل كل على حده حالات شعرية متعددة تخص الشاعرة ,وتصبح البنت جاهزة للحياة والموت,جاهزة للشعر والفن والإبداع ,إنها بعد هذه التجربة سوف تكون جاهزة وهى تحدد أنها في هذه اللحظة جاهز لأمر آخر تحدده هي ص 63
البنت الآن...
صارت طازجة للانتحار
بعدما نبتت لها
روح مكرمشة
تسند وجعها
-كل ليلة-
إن التشبية على مدار الديوان يأخذ خاصية حقيقة تخص قصيدة النثر حيث عدم التماثل المنطقي في الخصائص بين المشبه والمشبه به حيث الإنسان يشبه الجماد..أو العكس..حيث لافرق ولا تمييز عنصري يخص أفضلية التكوين من عنصر عن عنصر آخر حيث
غرفتي
التي تشبه أرملة قديمة
حيث أيضا الشحاذون يتساقطوا من قميص الشاعرة,وأنها تعيش في غرفة باتساع الوحدة,وتخبرنا أنها تستطيع أن تجعل الأمنيات تنبت كزهور في حياتنا جميعا فقط بابتسامة من شفتيها,وحبات الموسيقى,والزائر الشفاف الذي سوف يكون فريسة للشاعرة عندما تمغز بعينها,إنها العالم الغرائبى الجميل والمحبب للنفس الذي تقدمه الشاعرة عبر آليات حقيقة لقصيدة النثر والذي ينتهي بملحوظة حقيقية وشديدة الإنسانية حتى الموت ص 98 -99 حيث تقول
أنا لم أكن متشائمة
لهذه الدرجة
فقط
كنت أحاول
أن أرتق عظامي
وأدرب قلبي
أن يمارس المغفرة
لكل الذين
خانوه
وماتوا.

---------------------------------
المقال ضمن مشروع
المشهد الشعرى الراهن
المقال رقم 1
خُطورة أن يكون حذاؤك مُتّسخاً
http://www.facebook.com/notes_cheatsheet.php#!/note.php?note_id=390426323152




هشام الصباحي
القاهرة في 7-3-2010
رئيس تحرير وكالة 18 نوفمبر
www.press.gsmegypt.com
المحرر العام لموقع قصيدة النثر
www.prose-poem.com


0 التعليقات

إرسال تعليق